بعد مضي أكثر من عقدين من الزمن على انتشار تقنيات الإخصاب خارج الجسم أو ما يسمى بأطفال الأنابيب، ما زال موضوع عدم القدرة على الإنجاب من المحاور الرئيسة التي تستقطب العلماء والباحثين لإيجاد طرق بديلة الأكثر يسراً من الناحية العلمية والأقل تكلفة من الناحية الاقتصادية. في بادئ الأمر كان الاهتمام هو إيجاد الطرق والتقنيات للمساعدة على الحمل أصبح الاهتمام الآن في تطويرها وتحسينها للبلوغ إلى النتائج المرجوة.
بعد دخول العديد من التقنيات الحديثة والدقيقة في مجالات الطب والصيدلة على الناحيتين التشخيصية والعلاجية و تطور التقدم التكنولوجي المذهل في العلوم الحياتية وتطور أساليب وطرق الإخصاب والمساعدة على الحمل فقد أصبح الطريق سهلاً أمام العديد من الأزواج الذين حرموا من نعمة الإنجاب في الحصول على أطفال.
ومن التقنيات الحديثة:
·برامج تحريض الإباضة
هنالك برامج عديدة متبعة حالياً لتحريض الإباضة منها البرنامج الطويل والبرنامج القصير وهم الأساس المتبع لأغلب البرامج المستخدمة، وهنالك برامج منبثقة عنها مثل البرنامج القصير جداً أو الطويل المخفف والبرنامج المتصاعد أو المتناقص. أما برامج تحريض الإباضة الحديثة والأكثر تطوراً هم البرنامج المعاكس أو المضاد.
وهنالك عوامل عديدة تحدد مدى استجابة المريضة لإحدى هذه البرامج والتي من خلالها نستطيع اختيار البرنامج المناسب أو العلاجات الهرمونية الضرورية لها، منها عمر المريضة والمدة الزمنية لعدم حدوث الحمل، وزن السيدة والسمنة، عدم انتظام الدورة الشهرية والتدخين. حيث دلت الدراسات الحديثة أن نسبة حدوث الحمل تقل 10% عند السيدات المدخنات مقارنة مع السيدات الغير مدخنات، وهذا يعني أيضاً بالنسبة للسيدات التي يعيشون في بيئة مدخنين أي إذا ما كان الزوج مدخن أم لا. وقد أثبتت الدراسات أيضاً أن نسبة الهرمونات المسؤولة عن الإباضة في جسم السيدات المدخنات مرتفعة أكثر بالمقارنة مع السيدات غير المدخنات، مما يتعارض هذا مع نسبة الخصوبة والتلقيح والإجهاضات المتكررة.
· العلاجات المصنعة بالهندسة الوراثية
تعتبر المنشطات الهرمونية المستخدمة في برامج تحريض الإباضة بهدف إنتاج بويضات حجر الأساس في عمليات الإخصاب، مصدر هذه الهرمونات كان بول النساء كبيرات السن وقد أصبح الآن هذا المصدر محدوداً جداً مقابل الزيادة في الطلب عليها. لذلك لجأ العلماء إلى استخدام طرق وتقنيات الهندسة الوراثية لزيادة الإنتاج وتلبية حاجة المراكز. والأمثلة على ذلك هرمون المحرض على الإباضة Recombinant FSH والهرمون المساعد على اسقاط البويضة HCG وأيضاً هرمون Recombinant LH وجميع هذه نقاوتها مرتفعة جداً وخالية من أية شوائب بروتينية عالقة حيث تصل نسبة النقاوة إلى 99.9 %. لكن المشكلة ما زالت قائمة بتكلفتها المرتفعة جداً. والآفاق المستقبلية تشير أن هذه الهرمونات سوف تصبح أسعارها أقل بكثير من ما هي عليه الآن حيث سوف تقل تكلفة تصنيعها وإنتاجها.
وتمتاز أيضاً هذه العقاقير المصنعة مخبرياً بدقة فاعليتها وأن مضاعفاتها الجانبية قليلة مثل متلازمة فرط الإباضة أو آلام في منطقة إعطاء الحقنة.
·المرضى الضعيفي الإستجابة لبرنامج تحريض الإباضة
فإن البرنامج المذكورة أنفاً ليس لها فاعلية كافية حتى لو تم زيادة الجرعات المستخدمة أو إضافة علاجات أخرى لها مثل الكلوميفين أو هرمونات النمو. وهنالك ثلاثة برامج يمكن استخدامها عند هؤلاء المرضى والتي أثبتت بعض التحسن بنتائج الحمل عندهم.
· علوم الخلايا الجزعية ( المنشاء )
بدأ الكثيرون من العلماء بإستخدام الخلايا الجزعية المستخرجة من أغشية الجسم أو من الخلايا الجنينية وذلك في العديد من مجالات الطب البشري كعلاج مرض السكري أو مرض الزهامير أو الشلل النصفي أو الحروق الجلدية . أما في مجال الإخصاب والمساعدة على الحمل فما زال استخدامها لعلاج المرضى الذين يعانون من عدم توفر الحيوانات المنوية أو طلائعها وكذبك عدم وجود بويضات عند النساء في المرحلة الأولى لكن وبالمنظور القريب سوف يكون ذلك ممكناً وربما خلال السنوات القليلة القادمة.
· إنضاج البويضات مخبرياً
بعد حدوث العديد من مشكلات فرط الإباضة في العديد من مراكز الإخصاب مما نتج عن حدوث مضاعفات خطيرة للذين حلموا في أن يكونوا أمهات، أخذ العلماء بالبحث عن طرق بديلة في تحريض الإباضة خصوصاً عند المرضى المعرضون لهذه المضاعفات كمرض مبيض ذو الكيسات. وبهذه التقنيات يتم سحب البويضات أما في مراحلها المبكرة أو في مراحل نضوجها عندما يكون حجم الحويصلات أقل من 10 ملم. ومن ثم يتم تطويرها وإتمام نضوجها داخل الحاضنات في مختبر الإخصاب، مما يقلل ذلك من استهلاك العلاجات الهرمونية وتعويض السيدات إلي كميات أخرى من هذه العلاجات المحرضة للإباضة.
· الإحتفاظ بالأجنة المجمدة
مع التقدم التكنولوجي وثورة المعلومات وتطور برامج الكمبيوتر فقد تم تحديث أساليب وأجهزة التجميد ومعدات حفظها بحيث أصبح الآن ومن الممكن ابقاء الأجنة أو البويضات المخصبة أو الحيوانات المنوية لفترات أطول داخل وعاء المختبر دون حصول أي أضرار لها، فهنالك تقارير عديدة من الولايات المتحدة واليابان تفيد بأنه تم تحقيق فرص حمل جيدة بعد سبع سنوات من الإحتفاظ بهذه الأجنة في التجميد. وهذه الطرق تعتبر مفيده جداً خصوصاً عند الأشخاص الذي سوف يخضعون للعلاجات الكيماوية أو التعرض للإشعاعات الضارة.
· إبقاء الأجنة لفترة أطول داخل المختبر
تبدأ البويضة المخصبة بالانقسام الأول بعد 24 ساعة تقريباً من تلقيحها وتزداد مراحل الانقسام كلما تقدم الجنين في العمر أي يوماً بعد يوم حتى يصبح في اليوم الخامس على شكل حويصله. فالأجنة السليمة القادرة على البقاء تطور نفسها بشكل أسرع مما يعطي فرصة للطبيب المعالج بإنتقاء الأفضل وهذا يقلل من عدد الأجنة المعادة إلى رحم الأم ويقلل بدوره فرص الحمل بالعديد من التوائم مما يترتب على ذلك من أخطار ومضاعفات.
· تشخيص الأجنة وراثياً
وللتقليل من الإجهاضات المتكررة وزيادة فرص نجاح محاولات الإخصاب خارج الجسم تأتي تقنيات تشخيص الأجنة قبل زراعتها في رحم الأم من الأولويات للذين يعملون في هذا المجال. فلقد أصبح باستطاعة العلماء تحديد الأجنة السليمة تكويناً من تلك الغير سليمة والحاملة لبعض الأمراض الوراثية والتي ليست لها فرص نجاح مما يقلل ذلك من العناء النفسي والاجتماعي لهؤلاء السيدات. حيث أن هذه الطريقة تسمح بتشخيص الأجنة من العديد من الامراض الوراثية. ومن هذه تحليل الصبغات الوراثية ذات الأرقام 22، 21، 18، 16، 13، y، x. أو دراسة بعض الأمراض الوراثية الموروثة عن طريق الجينات مثل الثلاسيميا. ويمكن استخدام هذه الطرق عند الأمهات التي تزيد أعمارهم عن 36 عاماً أو هؤلاء المرضى الذين يعانون أصلاً من بعض الأمراض الوراثية المعروفة لديهم. وقد يستفيد من خلال هذه الطرق بعض المرضى الذين يعانون من الإجهاضات المتكررة.
·الطرق التي تساعد الأجنة للإتصاق ببطانة الرحم
هو الثقب في الجدار المحيط بالجنين أما الطرق المتبعة في عملية ثقب غلاف الجنين هي الليزر الجراحي او مواد حامضية أو الطرق الميكانيكية. حيث أن أغلب الدراسات تشير عن الفوائد الإيجابية لهذه التقنية إلا أنه لا يوجد بعد دليل قاطع عن مدى جدواها.
·سلامة الأطفال المولودون بطرق وتقنيات الإخصاب خارج الجسم
تشير الدراسات ولأكثر من مركز حول العالم انه لا يوجد هنالك أي زيادة ملحوظة في عدد التشوهات الخلقية عند الأطفال الذين ولدوا بتقنيات الإخصاب خارج الجسم المختلفة ومنها التشوهات الكبرى أو الصغرى. علماً أن نسبة التشوهات الخلقية في الطبيعة تصل بين 1-2% أي أنه من كل مائة طفل مولود جديد يوجد هنالك طفل واحد أو طفلين يعانون من بعض العيوب الخلقية. وهذه النسبة لا تزداد في حالات الأطفال المولودين بطرق الإخصاب خارج الجسم.
تتميز وحدة الإخصاب والوراثة في مركز الخالدي الطبي، كونه المستشفى الأول التي تم به إجراء أول طفل أنبوب في الأردن والعالم العربي. أما النتائج المشجعة والتي تم الحصول عليها من خلال الفترة القليلة الماضية في هذه الوحدة تدعونا إلى المزيد من بذل الجهود والعطاء لما فيه مصلحة مريضنا ومراجعينا.
Comments are closed